وزير جنبلاطي يفضح آخر جرائم ورثة المافيوزي رفيق الحريري: يريدون أن يسرقوا أراضي الدولة وميناء"الدالية" وطرد الصيادين
06 تشرين الثاني 2013 05:11 عدد القراءات 11004
اختصر الوزير غازي العريضي حكاية الدالية: وزارة الاشغال بدأت بتنفيذ مشروع مينا الصيادين في الدالية. سارع ورثة رفيق الحريري (مالكو العقارات الخاصة) وعطّلوا المشروع بحجّة انهم اصحاب الحق في الملك العام ويريدون اقامة مشاريع استثمارية هناك... قال العريضي انهم يريدون اقتلاع الصيادين والاستئثار باملاك الدولة "بلا تعويضات".
محمد نزال
أخيراً، نطق وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي بـ«الحقيقة». ربما ليست الحقيقة الكاملة، ولكن ما قاله، أمس، فيه ما يكفي للقول إننا أمام «فضيحة» موصوفة. ها هي جهود صيادي الدالية في الروشة، وصيحاتهم التي لم تتوقف، تنجح في جعل العريضي يكشف، بعد أسابيع من المناورة، عن واحدة من أكبر الفضائح في الدولة: عائلة الرئيس الراحل رفيق الحريري تريد الاستئثار بالأملاك العامة في الدالية. قالها هكذا بوضوح تام لا لبس فيه. تريد ضمّ الملك العام الى املاكها الخاصة في تلك المنطقة، التي تعدّ حيزا عامّا «مشتركا» نادراً جداً على الساحل اللبناني. لا يمكن لمن سمع العريضي، أمس، إلا أن يفهم الأمر على هذا النحو. الوزير لم يتكلم بالألغاز أصلاً، قالها كما هي، بعدما «كنت أسكت وأسكت وأسكت، إلى أن صار البعض يريد تحميلي المسؤولية، فأنا لست واجهة لأحد، لست غطاءً لأحد، لا لمفاوضات ولا لبازارات... أنا مع الصيادين». وجدها العريضي ثقيلة، ليس بإمكانه تحمّلها وحده، فكان لا بد أن يتكلم ويفضح كل شيء.
عقد الوزير مؤتمراً صحافياً في مكتبه، أمس، بحضور المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي. قال «كنت أتمنى عدم الدخول في هذه التفاصيل، لكن لا بد من توضيح الأمور... وأقول ذلك بكل أسف». ومضى بكشف الحقائق (الفضائح) التي ينطوي بعضها على اقرار ضمني بالتواطؤ لمنح حق اشغال الملك العام «للعائلة الكريمة»، ولو بشروط دفع التعويضات للصيادين وتعويض المال العام الذي انفق حتى الآن على مشروع انشاء ميناء هناك.
في بداية حديثه تحدث عن كيفية تعاطي الرئيس الراحل رفيق الحريري مع صيادي الدالية سابقاً، الذي «سمح لهم بالمرور إلى مراكبهم من املاكه الخاصة». اما ورثة الراحل، فما عادوا يريدون أي وجود لهؤلاء الصيادين البيارتة. أحضر العريضي معه الأوراق التي وافق عليها الحريري الأب في عام 2004 وابنه سعد لاحقا، لتوسعة ميناء الدالية لمصلحة الصيادين.
الحريري لم يفهم!
العريضي تابع كل مراحل هذه القضية، وما عاد يمكنه السكوت، مع أنه سكت سابقاً، وها هو اليوم يقول كل شيء تقريباً. لماذا أوقفت وزارة الأشغال العمل بتوسعة الميناء؟ ولماذا قبل ببازار المفاوضات من اجل نقل الميناء الى موقع اخر؟
يقول العريضي إن الشركة المكلفة من مالكي الأرض (ورثة الحريري) أرسلت إلى الوزارة كتاباً، تطلب فيه الإفادة عن الأعمال القائمة في الدالية، آملين «أن تبقى في الأملاك العامة». رد العريضي عليهم بكتاب يتضمن الإفادات والدراسات والتخطيط وكلّها تُثبت ان العمل جار على الاملاك العامة البحرية. والآن «آسف لذكر هذه التفاصيل»، يتابع العريضي، اذ منذ شهرين تقريباً التقى مسؤول من تلك الشركة مع أحد المحامين، فقال: «أنتم تخالفون القانون، وعليكم إيقاف المشروع، فهذا خطأ ونحن نملك هذه الأرض (...) ولنا حق مكتسب في الأملاك العامة»... قال العريضي انه لا يقبل بمثل هذه اللهجة «أنا رفضت الأمر باختصار، وقلت إذا كان الأمر يتعلق بالقانون فلنذهب إلى المحاكم، وأي قرار يصدر ألتزم به، لكن الآن نحن نعمل ضمن الأملاك العامة البحرية. قلت لهم هذه اللغة لا يمكن أن أقبلها». إذاً، العريضي تعمّد إخفاء هذه التفاصيل في بيانه الأول في 9 من الشهر الفائت، الذي «ضمنته إشارات لكن يبدو أن من يجب أن يقرأ لم يقرأ، أو قرأ وهذا هو أسلوبه، وأنا لست معنياً به». هكذا، كان العريضي حريصاً على «ابقاء القضية» بعيداً عن الإعلام، ولكن ورثة الحريري لم يفهموا عليه، وبالتالي ها هو يتكلم في العلن. ربما هذه مناسبة ليفهم اللبنانيون الطرق التي يتعامل بها أهل الدولة في لبنان، فيما بينهم، ونحن أمام وزير يتحدث علناً عن أشياء «فوق الطاولة» وأشياء «تحتها»... ومجدداً كأن هذا هو «العادي» الذي على اللبنانيين أن يصفقوا له!
حسناً، يكمل العريضي في مؤتمره، قائلاً: «قلت لهم ما تطلبونه يؤدي إلى أمرين: كأننا نحن إذا أوقفنا المشروع (ميناء الصيادين) الآن نكون نهدر المال العام، فالمشروع تم تلزيمه، وأنا الآن لا يمكن أن أوافق على ذلك لأنه لا يمكن أن أكون قد أقدمت على مخالفة القانون ثم أوقف المشروع، فأرتكب مخالفة ثانية بإهدار المال العام. أمران لا يمكن الموافقة عليهما. غير ذلك يوجد عدد كبير من الصيادين منذ عشرات السنين وهذا المشروع لتنميتهم وحماية مصالحهم».
تواطؤ على نقل الميناء
جهد العريضي في أن «لا يقطع شعرة معاوية» مع عائلة الحريري. لكنهم لم يفهموا عليه، فجعلوه يفضح كل شيء. ولولا ذلك لما رأينا وزيراً يخرج عن طوعه، ليصبح بعدها بإمكان المواطنين الاطلاع على «بعض الحقيقة». يقول العريضي، بعد نقاش وجدل دار بينه وبين عائلة الحريري (عبر الشركات المعنية): «قلتها لهم بصراحة آنذاك، أرجو ألا تدخلوا في هذه العملية من هذه الزاوية كي لا تلحق الإساءة بكم وبمن يملك هذه الأرض، فأنا حريص على هذه العائلة الكريمة العزيزة، التي أعتز بتاريخ علاقتي بهذا البيت الكريم. أنا اعتبر نفسي أميناً على ما ترك هذا الرجل (رفيق الحريري) وبالتالي أقول يجب ألا يقع أحد في خطأ يسيء إليه أو إلى الرئيس سعد الحريري أو إلى هذا البيت». إذاً، لقد تحققت «نبوءة» العريضي، ولحقت الإساءة بعائلة الحريري، بعدما ظهروا في العلن كجهة تريد الاستئثار بالملك العام وتستعدي الصيادين، الذين عدّهم العريضي من «البيئة السياسية، وتحديدا إخواننا ورفاقنا في تيار المستقبل».
لقد أخبرهم الوزير أن عدد الصيادين ليس 20 أو 30 صياداً، كما كانوا يقولون، بل هم 150 صياداً، ولهذا «نصحتهم وقلت لهم تكلموا مع الصيادين، فقالوا: الصيادون عندنا، وجاؤوا بجواب أن الصيادين وافقوا على نقل الميناء الى موقع آخر، ثم عدنا بجواب أننا قابلنا رئيس التعاونية ولكنه طالب بمبلغ كبير بملايين الدولارات كتعويضات... قلت لهم توقفوا، أنا لا أفتح بازاراً ولا علاقة لي بذلك، أنا مع الاتفاق الأساسي: موافقة كل الصيادين وتعويضهم وتعويض الدولة عما انفقته على المشروع حتى الآن». هنا أصبحت الحقيقة «مشربكة». هذه «الشربكة» إن كانت تدل على شيء فهو أن ثمّة ما لم يُقل بعد. ربما تأتي الأيام وتجعل العريضي يتكلم أكثر، خاصة عن موضوع موافقته على نقل الميناء إلى منطقة أخرى، بحسب ما كانت اقترحت شركات الحريري. والعريضي، بحسب قوله، كان حاضراً للدخول في هذه اللعبة، لكن ثمّة ما طرأ وغيّر كل شيء.
"الأخبار"